كيف أكتب مراجعة كتاب لم يعجبني؟

 

بهذه المقالة أشارك معكم قُرائي معلومات مفيدة وقصة طريفة من مسيرة وخبرة 4 سنوات في كتابة مراجعة كتاب صادقة وحيادية.

 كتابة المراجعات هو أمر مهم؛ لأنها تلعب دوراً مهماً في الثقافة والأدب. إنها ليست مجرد آراء أو تقييمات فحسب، بل هي أداة قيمة للتواصل والحوار حول قضايا وأفكار متعددة بعيدًا عن تحيز نخبة القُراء.

"نخبة القُراء" هم مجموعة أتمنى ألاّ تتصادفوا معهم؛ لأنهم فئة من المؤلفين والقُراء الذي يعتقدون القراءة ورثًا لهم من أجدادهم لذا تزعجهم كثرت أعداد المؤلفين والقُراء الذين يبدون رأيهم عما قرأوا. نخبة ماذا؟ حتى أنا لا أعلم فالقراءة أمر متاح للجميع لا هواية يختص بها طبقة معينة من المجتمع.

وكانوا أحد أسباب ترددي قبل أربع سنوات في مشاركة مراجعاتي. فهم أيضًا يعتقدون أن كل رواية تدور حول شخصية عربية يجب أن تكون سوداوية! والسعادة في الأحداث، والأدهى انتهاؤها بنهاية غير مأساوية يثير غضبهم.

لا أخفيكم من مثل هؤلاء لا يوجَد منهم الكثير الحمدالله، وبيئة القُراء ومراجعو الكتب بيئة من تجربتي جميلة مليئة بأناس الاختلاف معهم لا يفسد للود قضية، لذا دائمًا أشجع الانضمام إلى هذه البيئة.

كيف أكتب مراجعة كتاب لم يعجبني؟

 القراءة تهدف لأشياء عديدة أهمها المتعة. ولذا عندما يتعلق الأمر بالكتب لن يكون لكل قصة صدى لدينا، وهذا طبيعي تمامًا. بعض الكتب ببساطة لا تلبي توقعاتنا. لكن كيف ننقل أفكارنا عندما يحين وقت كتابة مراجعة كتاب لم يعجبنا؟

التحدي يكمن في تقديم تعليقات صادقة دون الإفراط في القسوة. ما سأشاركه معك اليوم هي أمور استخلصتها من خبرة 4 سنوات في كتابة العديد من المراجعات، وهي أمور بسيطة ضعها بالاعتبار قبل كتابة مراجعتك القادمة.

• كن صادقًا

 الصدق أمر بالغ الأهمية في مراجعات الكتب. قد مررت بموقف محرج قبل سنوات عند مراجعتي رواية كاتبها الأجنبي كان الجميع -بل حتى بعضكم قُرائي- يمتدحه لدرجة اعتقدت أن الرجل هذا نابغة زماننا بالأدب. بعدها أخذني الحماس لشراء سلسلة دسمة من تأليفه تتكون من 3 كتب تتراوح بين 500-600 صفحة!

via GIPHY

كما تعلمون قُرائي طيلة 4 سنوات كنت أحرص أشد الحرص على الحيادية والمصداقية في مراجعاتي؛ لذلك لا أقرأ ما قاله الآخرون عن أيّ رواية قبل انتهائي من قراءتها ونشر مراجعتي عنهاـ بعد ذلك اطلع على ما قاله الآخرون عنها، وقد أتناقش معهم.

في أثناء قراءتي الجزء الأول من السلسة المشؤومة تصادفت مع إيحاءات وكلمات مقززة جعلني خجلي أُسميها "تفاصيل قليلة أدب" في مراجعتي؛ لأنها قليلة مقارنةً بـ 500 صفحة من الحبكة التي جذبت انتباهي. لم يتسن لي وقت لرؤية ما قاله الآخرون عنها؛ لكون السلسة دسمة لذا ابتدأت بالجزء الثاني مباشرةً حتى لا أتأخر في نشر مراجعته وليتني تمهلت.

via GIPHY

"الكلمات والإيحاءات قليلة الأدب" ازدادت لتملأ نصف صفحة! توقفت مباشرة عن إكمال القراءة، وتوجهت لتطبيق قود ريدز لأجد العرب هناك كتبوا جرائد من المديح عنه!

هذه المرة تغلبت على خجلي وأسميتها "تفاصيل جنسية مقززة"، خصوصًا أن هناك العديد من صغار القراء الذين قد يقرؤون للكاتب نطرًا للمديخ المنشر عنه، لذا تقع علي كمالكة مدونة تخص بمراجعات الكتب مسؤولية التنويه والتحذير من ذلك. كلما أتذكر قراءتي لهذا الكاتب بالعلن أشعر بالخجل الشديد؛ لذلك كتابة مراجعة صادقة هو أمر مهم.

• ابدأ بالإيجابيات.

كل كتاب، مهما كان مخيبًا للآمال، لديه بعض الصفات التعويضية. اذكر ما جعلك تصل لآخر صفحة منه، هل كان أسلوب الكاتب الوصفي أو شخصية من الشخصيات.

بدأ مراجعتك من خلال تسليط الضوء على هذه العناصر الإيجابية لا يُظهر أنك كنت عادلاً وشاملًا في قراءتك فحسب، بل يخفف أيضًا من تأثير النقد الذي يتبع ذلك.

• أذكر الأمور التي لا تُعجبك واقتراحك لتحسينها.

عندما تناقش جوانب الكتاب التي لم تعجبك، قدم انتقادات بناءة. بدلًا من كتابة "كانت الحبكة مملة"، يمكنك كتابة "كان من الممكن أن تكون القصة أكثر جاذبية لو كان هناك المزيد من التقلبات غير المتوقعة". هكذا يتحول كلامك السلبي إلى اقتراح للتحسين.

• كن محددًا وقدم الأمثلة، النقد المبهم لا يساعد أحد.

في حال عدم وجود اقتراح للتحسين كن محددًا بشأن ما لم يعجبك. هل كانت الشخصيات تفتقر إلى العمق؟ هل كانت الحبكة متوقعة للغاية؟ هل كانت الحوارات غير واقعية؟ قدم أمثلة من الكتاب لدعم كلامك. وهذا لا يؤكد صحة انتقاداتك فحسب، بل يمنح المؤلف والقراء المحتملين أيضًا فهمًا واضحًا لوجهة نظرك، حتى لا تكن مثل هذا القارئ:

• حافظ على نبرة محترمة. 

حتى لو لم تستمتع بالكتاب تذكر أن إنسانًا هو من كتبه. وتجنب التعليقات الشخصية عن المؤلف، وركز على العمل نفسه. بالعامي لا تكن ممن "يشخصنها" مع الكاتب.

ختامًا هذه المقالة لا تهدف لمجاملة الكُتّاب الذين لا تتوافق مؤلفاتهم مع ذائقتك، بل التشجيع لكتابة مراجعة عنها تقود لحوار نافع يُحسن من جودة المؤلفات المستقبلية في الأدب العربي، وهو موضوع سهل كما قرأت هنا.

 أتمنى أفدتكم بهذه المقالة. لا تنسوا مشاركتها مع قُراء آخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليستفيدوا. ألقاكم في تدوينة أخرى ممتعة ومفيدة