مصطفى محمود الفيلسوف ، و الطبيب و الكاتب.




قصة هذه الشخصية هي من اوحت لي فكرة قسم رحلة نجاح لذا من الاحرى أن تكون قصته هي اول قصة نحكي عنها. 

مصطفى محمود هو فيلسوف وطبيب وكاتب مصري ، ولكي تذكر بجانب اسمه هذه الثلاث صفات مر بالكثير الكثير من العقبات لكنه لم يقف ويندب حظه بل استمر حتى وصل للنهاية . ولد في 27 ديسمبر 1921 وتوفي رحمة الله في 31 أكتوبر 2009 عن عمر يناهز 87 عاماً.



البداية

 منذ شبابه وهو مولع بالإنسان وتكوينه عندما كان بالثانوية ولشدة ولعه بالكمياء العضوية قرأ كتبها التي تدرس بكلية العلوم و اشترى احماض مثل هيدروليك أسيد لأجراء التجارب بغرفته ، لدرجة أن اغلب ملابس نومه أصبحت مثقوبة بعدة أماكن بسبب ذلك .

وبطبيعة الحال كان هدفة هو دراسة الطب ولكن بمصر يجب ان يدرس سنة كاملة بكلية العلوم وينتهي منها بمعدل مرتفع ليستطيع دخول الطب.  هناك يعطى لكل طالب معمل خاص به على شرط دفع تأمين، كان ذلك لمصطفى خيال تحقق على أرض الواقع فاشترى لنفسه معمل ونجح من هذه السنة بمعدل مرتفع.

أول عقبه واجهته هو ان أخيه مختار بطيب نية قال له: مادام أنت جايب تقدير كويس ،أحسن حاجه تخش الكلية الحربية وأنا وصيت لك واحد هناك بيزبط أمورك؛ لأن في تلك الايام كان أن تكون ضابط يعلو على كونك طبيب بنظرة المجتمع. 

ذهب مصطفى معكر المزاج للفحص الطبي وبالنهاية اجتازه وعندما رأه الضابط المرافق لهم قال له : مبروك ياعم بقيت ضابط ، ايه الي مزعلك؟ حكى له مصطفى عن رغبته بان يكون طبيب بدلاً من ضابط فتعاطف معه الضابط وكتب بتقريره الصحي انه غير مؤهل للكلية الحربية . ذهب مصطفى لأخية وهو يحارب البسمة من ان ترتسم على وجهه لينقل له خبر عدم قبوله.




كلية الطب 

عندما التحق بالكلية كانت اول سنتين تتمحور حول وظائف الاعضاء [physiology] و أيضاً تشريح الانسان، ولأن هنا أتيحت له فرصة تشريح الانسان الكائن الذي لطالما تفكر في اعجاز تكوينه، وقع مصطفى محمود في عشق التشريح لدرجة انه كان اول من يدخل للمعمل و يخرج بعد ترجي عمال النظافة له. 

في الاجازة بين تلك السنتين اضطر مصطفى ان يفترق عن عشقه وكحال اي عاشق لم يستطع انتظار عودة الدراسة ليمارس ما يحب بل في تلك الاجازة اشترى جثة نصف ادمي ودماغ ولكي يستطيع التشريح طوال الاجازة دون ان يخرب ما اشتراه ، ابتاع  مادة الفورمالين التي تحافظ على بقاء الجثث بحالة جيدة  ووضعها بداخل طشت ، كلما انتهى من التشريح وضع كل شيء بداخل ذلك الطشت ثم ادخله تحت سريرة الذي ينام عليه ،و مثل اندفاع عاشق لايوجد قبله اي حسبان او تفكير منطقي نتيجته تكون كوارثيه .


لمن يقرأ ويعرف هذه المادة استطيع ان ارى تدفق ذكريات معمل التشريح و العجلة التي تصيبك لتنهي ما عليك فعله لتستطيع الخروج بأسرع ما يمكن لتتنفس الاوكسجين النقي،ولمن لا يعرف الفورمالين هي مادة ذات رائحة قوية وتسبب الإصابة بصعوبة التنفس والصداع بالإضافة إلى آلام في الحلق وتصل لدرجة التسبب بالسرطان.

أصيب مصطفى محمود بالتهابات شعبية وبلغم في بادئ الامر فاستطاع اكمال السنة الثانية ولكن عندما بدت السنة الثالثة للطب تفاقم مرضه لدرجة جعلته طريح الفراش لثلاث سنوات ، من كان معه من زملاء استمروا بدراستهم وتخرجوا وهو مازال  سجين غرفته .

 وكما ذكرت لكم سابقاً هو ولد في مرحلة زمنية لم تتقدم التكنولوجيا لتصبح أجهزة الكمبيوتر والجولات بأيدي الكل فلم يكن امامه  سوى حل واحد لتمضية الوقت وشغل فكره عن حالته الصحية ألا وهو القراءة. ولا احتاج لأذكر لكم انه ليصل الى ما ذكرته بالجملة السابقه مر بالتفكير السوداوي عن حالته و التفكير المؤذي بانه بينما هو مريض رفقائه أصبحوا أطباء .

أثناء الثلاث سنوات مصطفى استطاع قراءة أغلب الادب الفرنسي والانجليزي والأميركي ، هذه التجربة جعلته يخرج بتفكير وشخصية مختلفة مما كان عليه فلذلك تطلبت عودته لدراسة الطب وتأقلمه على حياته السابقة  بعد كل هذه السنوات والأدب الذي غيره مجهود كبير.

ولم يتخلى مصطفى محمود عن حب الكتابة الذي اكتسبه ،فكتب ثلاثين قصة عرضها على عباس محمود العقاد ، واحد من أكبر ادباء مصر الذي اعجب بما كتبه وساعده بنشر قصصه بالصحف ،عدد مؤلفات مصطفى الان وصلت الى 89 كتاب متنوعة المواضيع.

بالنهاية أريد أن اختم بكلمات يصف بها  مصطفى محمود حياته أثناء مرضه الذي لازمه  

في السنين الي بعدها لما رجعت استرجع المرض الي حصل لي استوعبت ان ربنا يتولى مخلوقاته بالتربية ويطلع منها احسن حاجة ،احياناً بالمرض أحياناً بالألم المهم انه ما يبدو بالنهاية شر هو بالنهاية خير .



1 تعليقات

  1. قسم جميل وبداية موفقة، استمتعت بقراءة تدوينتك وحفزتني نوعًا ما للقيام والعمل على ما هو مسجل بقائمة المهام.

    شكرًا لك..

    ردحذف
أحدث أقدم

نموذج الاتصال